حريم السلطان “الداعشي”

منذ مدة وسيل الدراما التركية الجارف يجتاح الفضائيات العربية بنحو غير مسبوق، ابتدأتها الـ «MBC» بمسلسل نور ومهند وكانت هي الباب الاوسع لدخول الدراما التركية إلى السباق للأعمال الاكثر مشاهدة ومتابعة.

من بين تلك الاعمال مسلسل «حريم السلطان» الذي تفوق على نظيراته بعدد حلقاته، ونسب المشاهدة من قبل الصغير والكبير. وهنا تكمن المشكلة فحريم السلطان مسلسل ساذج بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، إذ انه يحكي قصة جوارٍ إجتمعن في قصر السلطان كي يتنافسن طوال الوقت على حبه برغم أنهن نساء سُبين من بلدهن، وقُتل أعز الناس لديهن من قبل جيش هذا السلطان!

و90 بالمئة من أحداثه هي مؤامرات يحوكها البعض ضد البعض الاخر. المشكلة الاخرى في هذا المسلسل، والأخطر في الاقل من وجهة نظري. إن الاتراك من حقهم أن يقوموا بإنتاج مثل هذا المسلسل، لأنه يُظهر السلطان معشوقاً للنساء، وعادلاً ومنصفاً. وحاولوا أن يجعلوا منه ملاكاً من ملائكة الله على الارض. وهذا أيضاً من حقهم، لكن هل أن شغف العرب بمثل هذا العمل طبيعي؟ برغم إنه يُظهر أن الاتراك هم من نشروا الاسلام في البلدان العربية ومنها العراق ودمشق!

هل يعجبنا التغزل بمن كان يوماً عدواً ومحتلاً ؟ ما الذي يجذب المشاهد العربي لمثل تلك الاعمال؟ الشكل الجميل؟! هل إن الدراما العربية، والمحلية تفتقر إلى عنصر الجمال لدى الممثلات؟! هل إن العرب ما زالوا يحنّون للاحتلال العثماني؟

شيء محير بالنسبة لي، وحقيقة لم أستطع أن أجد جواباً، ولم أستطع أن أخلق جواباً كي أريح نفسي، لكني أتمنى أن يكون العراقيون والعرب أكثر وعياً وأكثر ثقافة كي تكون متابعتهم للدراما بغض النظر عن جنسيتها مبنية على أسس صحيحة، فلا يمكن أن أسمح للأطفال، والمراهقين أن يتابعوا مسلسلاً فيه جملة «اقطع رأسه»! ومنظر للذبح بالسكين، والغزو والسبي، والنساء اللواتي يؤتى بهن من كل بقاع الارض كي يصبحن جواري للسلطان يفعل بهن ما يشاء، لأنهن أصبحن عبيداً لديه بعد أن كنَّ نساءاً أحراراً في بلدهن.

كيف يمكن أن نُفهِمُهم إن هذا السلطان، بطل العمل، «القائد العظيم» كما يسمونه في المسلسل، معشوق النساء «المسبيّات»، هو ذاته قاطع الرؤوس، الغازي، الدكتاتور، والذي يقوم بما قامت به داعش بالموصل، ونهلل لهذا ونشتم الاخيرة!!

احلام يوسف

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة